السمنة مرض العصر والآفة التي ارتبطت بشكل أو بآخر مع سلوكيات وعادات الناس في عصر الرفاه وعصر المأكولات الجاهزة وعصر كل شيء إلا ما هو صحي وطبيعي. يؤكد الأطباء في مختلف مناطق العالم ارتباط السمنة بالأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين والمفاصل وغيرها، وتعتبر عاملا أساسيا في أمراض السكر وضغط الدم، والكثير من الناس المصابين بالسمنة يلجأون الى طرائق وعلاجات متعددة، بهدف فقدان المزيد من أوزانهم لدرجة انه خلال الفترة الأخيرة انتشرت الوصفات الشعبية والتركيبات الدوائية الرخيصة، وغيرها من المستحضرات التي تقوم على الدعاية والإعلان، فأينما ذهبت تسمع وتشاهد الإعلانات التي تروج لمستحضرات تنحت الجسم وتعالج السمنة خلال أوقات قياسية. لكن للطب المتخصص رأيا آخر فهو لا يعترف كثيرا بهذه المستحضرات المنتشرة جدا، بل يؤكد ضرورة الاستشارات الطبية المتخصصة لعلاج السمنة وفي حال كانت السمنة متقدمة ينصح الأطباء بإجراء جراحات السمنة التي تطورت كثيرا في الآونة الأخيرة، وأصبحت تجرى بواسطة المنظار بحد أدنى من الألم والجراحة والمضاعفات. وخلال لقائنا مع د.محمد براك الهيفي استشاري جراحة عامة وجراحة المناظير والجهاز الهضمي والأورام، أكد ان جراحة السمنة تجرى الآن خلال ساعة واحدة وبفتحات صغيرة جدا، بواسطة المنظار، موضحا ان العملية تعتبر ناجحة إذا فقد المريض بعدها 50% من الوزن الزائد، مؤكدا ان المريض غالبا ما يفقد اكثر من 70% من وزنه الزائد بعد العملية. ويشير د.الهيفي الى ان عملية السمنة فعالة، لأنها تغير من نمط حياة المريض، حيث تصبح الوجبات الغذائية صغيرة جدا ما يضطر المريض الى تناول حوالي 6 وجبات صغيرة في اليوم وبذلك تبدأ السمنة في التلاشي، وغالبا ما تتلاشى معها أمراض السكر وضغط الدم، كما يشير د.الهيفي الى العلاقة المترابطة بين عمليات السمنة وأمراض السكر وضغط الدم، لدرجة يتوقع معها ان تجرى هذه العمليات في المستقبل القريب للناس العاديين الذين لا يعانون من السمنة بل تجرى لعلاج أمراض السكر والضغط، مؤكدا ان من يعاني من السمنة وكان مصابا بالسكر أو بالضغط أو بكليهما فلديه دوافع أكثر من غيره لإجراء جراحة السمنة لأنه سيعالج كل أمراضه. وتطرق د.الهيفي لعلاقة الحمل بالسمنة، وأنواع جراحات السمنة، والفروق فيها وغير ذلك.. فإلى تفاصيل اللقاء:
هل من الممكن عمل جراحة السمنة لمن يعاني من أمراض بالجهاز العصبي مثل «MS»؟
عندما نتكلم عن السمنة وجراحة السمنة، يجب ان نعرف ان السمنة التي نعالجها هي السمنة المفرطة وهي كتلة الجسم وتحسب بقسمة الوزن على مربع الطول، فعندما يصل الرقم الى ما فوق 35 كيلوغراما على المتر المربع فهنا تكون سمنة مفرطة وهي التي تحتاج الى تدخل جراحي وتعتبر السمنة مرض العصر، أي مرض القرن الواحد والعشرين فهي مرض شائع ونرى الدعايات التي تتعلق بها أكثر من الدعايات المتعلقة بالسجائر، رغم خطورتها الشديدة، ولكن تم اكتشاف خطورة السمنة أيضا، لذلك يتطلب الأمر علاجها الذي يمر بمراحل عدة وآخرها الجراحة، وفي وجود مرض «MS» مع السمنة هنا يجب ان نأخذ رأي الطبيب المعالج فإذا رأى انه ليس هناك مشكلة تجرى العملية وقد أجريت سابقا عملية من هذا النوع.
خيارات الجراحة
الخيارات الجراحية لمعالجة البدانة وما الفرق بين عمليات الحلقة والتدبيس والتحويل؟
هناك 3 أو 4 أنواع لجراحات السمنة: بالون المعدة، تحزيم المعدة أو الحلقة، تكميم المعدة وهي التدبيس، وتحويل المسار ومن خلال تعاملي مع المرضى بالكويت، فأفضل عمليتين تصلحان لمرضى السمنة المفرطة، في الوقت الحالي، هما تكميم المعدة، وتحويل المسار، وتعتبر الحلقة عملية سهلة ولكن مشكلتها ان المريض يحتاج الى «رچيم» باستمرار ويحتاج الى متابعة دائمة ويحتاج الى تضييق الحلقة بين فترة وأخرى لأن مرضانا هنا لا يحبون المتابعة، فإذا تابع أحدهم يوما يذهب غدا الى طبيب آخر لتفريغ الحلقة لأنه يريد ان يأكل، ويوما آخر يطلب تضييق الحلقة لأنه لا يريد ان يأكل.
وتكميم المعدة بالذات لا يحتاج الى متابعة دقيقة، فالمريض يخسر وزنه لأن المعدة تكون صغيرة، فبمجرد ان يأكل وجبة صغيرة سيشعر بالشبع سريعا كما اننا في تكميم المعدة نزيل جزءا من المعدة وهو الجزء العلوي منها وهذا يفرز هرمونا يعطي إحساسا بالجوع الدائم والشراهة نحو الأكل، فعندما نزيل هذا الجزء من المعدة، ستقل الشراهة وكذلك الإحساس بالجوع.
الوزن بعد العملية
ما الوزن المتوقع فقده بعد المعالجة الجراحية للسمنة؟
نحن لا نقول كم هو الوزن المتوقع، ولكن نقول العملية ناجحة عندما يفقد المريض 50% من وزنه الزائد، فإذا كان طوله 170 سم ووزنه 120 كيلوغراما، فالمفروض ان وزنه الطبيعي من 70 كيلوغراما الى 75 كيلوغراما والزيادة لديه 50 كيلوغراما فإذا فقد أكثر من 25 كيلوغراما فهي عملية ناجحة، وأكثر عمليات التكميم وتحويل المسار التي أجريتها للمرضى فقدوا فيها أكثر من 70% أو 80% من وزنهم الزائد.
هل ستتغير طبيعة الطعام وكميته بعد جراحة السمنة؟
بالطبع الكمية تقل كثيرا، فعمليات السمنة ليست لتقليل الوزن فقط فالمريض بالطبع سيقل وزنه ولكن المهم جدا والذي أقوله للمرضى هو تغيير أسلوب الأكل، أي تغيير نمط حياة المريض في طريقة الأكل، فالوجبات تصبح صغيرة أي كل 3 أو 4 ساعات، فبدلا من 3 وجبات في اليوم يتناول المريض 6 وجبات صغيرة، يمضغ الأكل جيدا، ويبتلعه شيئا فشيئا، وبالتالي لن يعود الى السمنة مرة أخرى.
الجراحة علاج للسكري والضغط
هل بإمكان مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم اجراء عملية السمنة؟
علميات السمنة هي أساسا لمن لديهم ضغط وسكري لأن السمنة هي سبب ذلك، فعندما يقوم المريض باجراء عملية سمنة ويقل وزنه 80% من السكر يختفي، و20% يتحسنون وكذلك الضغط 70% من المصابين به يختفي الضغط لديهم و30% منهم يتحسنون، لذلك أتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة أن تجرى هذه العمليات للناس العاديين وغير المصابين بالسمنة انما للمصابين بالضغط والسكري، وهذه الإجراءات الطبية ستجرى لكتل الجسم الصغيرة التي تبدأ من 30 أو 31 فالضغط والسكري ليسا عائقين بل يشجعان على إجراء العملية.
فالسمنة المفرطة عندما تعالج تختفي أمراض كثيرة معها مثل صعوبة في التنفس من الشخير بنسبة 90%، كذلك آلام المفاصل، كما ان العمر الافتراضي للشخص السمين أقل من العمر الافتراضي للشخص العادي، وكذلك نسبة أورام القولون وأورام الثدي عند النساء السمينات أكثر من النساء العاديات كما ان نسبة المضاعفات في العمليات الجراحية قليلة جدا، ولكن نسبة المشاكل الناتجة عن السمنة 100%.
عملية السمنة والحمل
هل يمكن الحمل بعد إجراء عملية السمنة؟
بالطبع فعندما نجري عملية السمنة يجب على المرأة ألا تحمل إلا بعد عام لأنها تفقد وزنا ولأن الجنين يحتاج طعاما فبعد عام يمكنها ان تحمل طبيعيا وهناك سيدات سمينات لديهن عقم بسبب ذلك، فعندما نجري لهن العملية وتقل أوزانهن تزيد نسبة الخصوبة لديهن وكثير من أطباء النساء والولادة يرسلون لنا المصابات بالســـــمنة المفرطة ولديهن عقم لإجراء تلك العمليات.
بالمنظار وبفتحات صغيرة
ما العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها بالمنظار؟
جراحات السمنة الآن كلها نجريها بالمنظار، وهي عبارة عن فتحات صغيرة جدا لا تتعدى نصف سم، ونحاول ان نقلل عدد الفتحات فعمليات تكميم المعدة أجريها الآن بـ 4 فتحات وأحيانا بـ 3 فتحات، وأحيانا فتحة واحدة، حسب جسم المريض، وحسب كتلة الجسم إذا كانت عالية أو صغيرة لذلك فترة النقاهة عند المريض صغيرة جدا وعمليات التكميم أجريها خلال ساعة أو أقل والمريض يحتاج للمكوث في المستشفى يومين فقط، ولدي طريقة في تكميم المعدة فبعد ان أقص المعدة بالدباسة أخيطها خياطة تغليفية وهذه الطريقة تريحني وتريح المريض والمساعدين ايضا لأنها تقلل نسبة المشاكل التي يمكن ان تنجم عن العملية، كالنزيف والتسريب، والتي نسبتها في العالم بين 4 و6% ولكنها مع الخياطة التغليفية تصبح النسبة أقل من 1%.
جراحة دون مضاعفات
ما مميزات جراحة المنظار عن الجراحة التقليدية؟
جراحة المنظار للمريض أفضل فهي تجميلية ونسبة الألم أقل، ونسبة مشاكل الجرح أقل وقد انتشرت عمليات السمنة الآن رغم وجودها منذ عام 1967 لأن جراحة السمنة أصبحنا نجريها بالمنظار ونسبة النقاهة قليلة جدا فبدلا من مكوث المريض في المستشفى 5 أيام أو 7 أصبح يمكث يومين فقط، والألم قليل جدا، والتهابات الجرح والفتق تقريبا غير موجودة.
ماذا عن سمنة الأطفال وهل أجريت عمليات سمنة لهم؟
سمنة الأطفال مشكلة كبيرة ويجب على الآباء والأمهات ان يراقبوا أطفالهم من عمر 6 سنوات أو 7 سنوات، وان يحرصوا على عدم زيادة أوزانهم، نريد جيلا صحيا، لا نريد جيلا سمينا يعتمد على الطعام، فأسلوب الحياة الآن خاطئ وغير نشط، الطفل الآن يأكل ويشرب ويأتيه الطعام وهو في مكانه، وقد سبق ان أجريت عمليات تكميم لأطفال وشباب من عمر 12 سنة حتى 17 سنة وكلهم حصلوا على نتائج ناجحة وحياتهم تغيرت وملابسهم تغيرت ونفسياتهم تحسنت، ففي السابق عندما كانوا يجلسون مع أصحابهم يعيرونهم بالسمنة ويطلقون عليهم ألفاظا جارحة مثل «بطة» و«متين» وغير ذلك.
فأتمنى من الإعلام ان يتبنى هذه الظاهرة الخطيرة وبصفتي عضوا في المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، أتمنى ان تتبنى وزارة الصحة ايضا سمنة الأطفال وتركز عليها.
بطاقة تعريف
د.محمد الهيفي عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية وهو زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية وعضو كلية الجراحين الملكية في اسكوتلندا وهو يعالج الحالات التالية: شد ترهلات البطن، إزالة الشحوم الزائدة ـ جراحات السمنة، تكميم للمعدة وتصغير وتحويل مسارها وتحزيمها وبالون المعدة، جراحات المناظير المتطورة من فتاق البطن عند الصغار والكبار، المرارة والطحال وفتاق الحجاب الحاجز والقولون، التعرق المفرط والأحماض الزائدة، الزائدة الدودية، دوالي الخصيتين، عمليات كيس الشعر بطريقة التجميل، جراحة أمراض الغدة الدرقية والغدد الصماء، جراحة أورام الثدي، جراحة جميع أورام الجسم، علاج وجراحة قدمي السكر ودوالي الساقين، علاج وجراحة أمراض الجهاز الهضمي والقولون، عمليات الشرج من بواسير «بالدباسة الجراحية» وناسور وشرخ